دور المجتمع في انتشار ظاهرة العنف ضد الأطفال

تأخذ الدراسات النفسية والاجتماعية بتحليل ظاهرة العنف بصورة عامة، وارتباط العنف بالتنشئة الاجتماعية بصورة خاصة مذاهب عديدة، وتسهم بتوضيح العوامل المؤدية إليه، غير أن هذه الدراسات نادراً ما تأخذ التغيرات الاجتماعية والاقتصادية بالاعتبار، وتبحث في مظاهر العنف بارتباطه بطبيعة النفس البشرية، وبظروف التنشئة الاجتماعية، وبالمنظومات الثقافية السائدة دون أن تولي اهتمامها بالتغيرات الأوسع التي يتعرض لها المجتمع، والعوامل المؤثرة في ثقافته، وفي منظومة العلاقات الاجتماعية السائدة فيه.
إن التحليل الاجتماعي للظواهر الاجتماعية بشكل عام، ولظواهر العنف بشكل خاص في ارتباطها بقضايا التنشئة الاجتماعية يقتضي تناولها في سياق التغيرات التي يشهدها المجتمع المعني بالظاهرة، وفي سياق التحولات الأوسع التي تشهدها المجتمعات الأخرى. وخاصة تلك التي تتواصل مع المجتمع المعني بالظاهرة بشكل مباشر. فإذا كان الاستقرار النسبي واحد من أبرز ما يميز الثقافة في المجتمع فإن عوامل التغير تتسرب إليها عبر فترات زمنية تطول أو تقصر بحسب شدة العوامل المؤثرة فيها، وبحسب طبيعة التحديات التي يتعرض لها المجتمع.
وفي ضوء هذا التصور فإن التحليل الاجتماعي لمظاهر العنف، وصلته الوثيقة بأساليب التنشئة لا ينفصل عن تحليل بنية المجتمع العربي والتغيرات التي يشهدها في الآونة الأخيرة، وكذلك الحال التحديات الثقافية والاجتماعية التي تجابهه في الظروف المعاصرة.
ويتوزع البحث في خمسة محاور أساسية، يبحث أولها في التعريف بمفهوم العنف، وأشكاله ومستوياته، ويتناول الثاني العوامل الثقافية والاجتماعية التي تؤدي إلى انتشار ظاهرة العنف في المجتمع العربي الراهن، ويأخذ المحور الثالث بتحليل مظاهر العنف الواقعة على الأطفال، ويعرض المحور الرابع الخلاصة والنتيجة التي تخلص إليها الدراسة، وأخيراً المحور الخامس الذي يتضمن شرحاً لتوصيات الدراسة واقتراحاتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق