الواقع الراهن لعلم الاجتماع وآفاق تطويره في الجمهورية العربية السورية

"الندوة العلمية الاجتماعية الأولى لقسم علم الاجتماع" (9-11/ نيسان/ 2001)
كلمة الدكتور محمد حمادي عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية

أرحب بكم أيها السادة واسمحوا لي بداية أن أوجه أحر التعازي لعائلة الفقيد الدكتور حامد خليل باسمي وباسمكم وباسم كلية الآداب وهو الذي أسس للندوات العلمية فيها حتى أصبحت تقليداً سنوياً تذكرنا بجهوده المخلصة وتطلعاته الخيرة في تطوير البحث العلمي وإغناء الحوار الفكري ونرجو له من الله الرحمة والغفران ولأهله الصبر والسلوان.
لا شك أن الموضوع الثقافي بدلالاته المعرفية شأن هام في حياة الشعوب والأمم , ماضياً وحاضراً ومستقبلاً فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان , فهو بالإضافة لحاجاته المادية كائن ومفكر ويستجيب لكل القضايا النظرية والمعنوية القائمة في حياته اليومية ومحيطه , بينما أصبحت أنماط الاستهلاك بكل أشكاله آليات مصوغة لكل مكوناتها وموجهة لحياته اليومية وعلى تركيبه الذهني , ولا شك أن عصرنا هذا عصر تختلط فيه المفاهيم والقيم والمعارف وأنماط الاستهلاك وطغيان المادة وبالتالي يتحول الإنسان كثيراً عن قيمه ومنظومته الإنسانية ، وتبرز لديه قيم الإحساس في الفن والثقافة والانسجام بقضايا الوطن وإعطاء نفسكم شيء من الثقافة فهي بمعناه الواسع مجموعة من السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية الخاصة التي تميز مجتمع بعينه أو فئة بعينها وأنها تشمل الفنون والآداب وطرائق الحياة والإنتاج الاقتصادي كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان والتقاليد والمعتقدات.
وبموجب هذا التعريف فإنه سمة المثقفين تشمل كل من له مساهمة في الجهد الثقافي بمعانيه الأوسع والمثقفين يحملون أمام الناس والأمة والتاريخ مسؤولية اتجاه الثقافة وما فيها ، إن حوار العلماء والمثقفين العرب يجب أن يتم بمساواة وحرية ومسؤولية بحيث يسمح للمتحاورين بالانتقال لرؤية أوسع واستشعار المصلحة القومية العليا لأن الاعتراف بالخطأ ونشدان الحقيقة بداية الاستعداد لمعرفة الطريق واستيعاب الواقع والبحث الصحيح والمفيد وبالتالي الوصول للصورة الصحيحة لتكوين تفاهم والرأي والفكر والجهد ، إن وضع حد لأشكال التبعية الثقافية يشكل مدخل ملائم بقوة الفعل الثقافي وتأثيره ومدخل لضمان حرية التعبير على مستوى الساحة العربية وإشاعة الوعي المعرفي الذي يحرر الإرادة والعقل ، ويمكن القول أن قلة من العلماء والمثقفين العرب هم قادرين على التمسك بوعيهم ومعارفهم العلمية ومبادئهم الوطنية والقومية والتقدمية والمنخرطين بمستويات متفاوتة ومواقع مختلفة في النضال بالفكر والإبداع والعمل العلمي من أجل تغيير الأوضاع العربية المتردية .
       من هنا كان لابد لنا في انطلاقتنا المستقبلية من العناية بالبحث العلمي وتعميق الفهم بالقضايا الثقافية وأهميتها في المجتمع ومعالجة قضاياها موضوعياً وتحرير الفكر من مظاهر التعصب وتأصيل احترام العقل والنقد فالأمم العارفة هي القوية ومن هنا كان الاستثمار في التنمية البشرية تأهيلاً وتدريباً في مقدمة اهتمامات الدول الناهضة إن التنمية الشاملة من حيث أنها عملية إرادة ذات جوانب متعددة ومتكاملة تحتاج إلى إطارات بشرية إدارية وتنفيذية تؤمن بأهمية التنمية والتحديث وتسعى لتطوير جميع أنساق المجتمع وتسعى لأداء دورها في التنمية ، التطور الحضاري المنشود مما يقتضي من المثقفين والباحثين المفكرين أهل الاختصاص قبل غيرهم لتوجيه جهودهم لخير المجتمع وتقدمه وتطوره ، وقد وجد الرئيس في خطاب القسم إلى أهمية المعرفة والثقافة والبحث العلمي والتأكيد على نشر الثقافة والتقنية والمعلوماتية والمعرفة ويجب إيلاء الاهتمام الكبير بالعقل وتطوير الأفكار وتطوير البحث العلمي وذلك من خلال توفير بنية تحتية التي تبدأ بالعقل المنظم مروراً بالمؤسسات البحثية وانتهاءً بالتقنيات الضرورية وحشد الإمكانيات وضرورة لربطه بحاجات المجتمع التنموية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق