التعريف بعلم الاجتماع المعاصر وموضوعاته وصلته بالعلوم الاجتماعية الأخرى

علم اجتماع بالتعريف هو الدراسة العلمية للواقع الاجتماعي وتغيراته المتنوعة، بما في ذلك مختلف أشكال التنظيم الاجتماعي من مؤسسات وتنظيمات واتحادات في ضوء آلياته التي تعزز وحدته وتماسكه من جهة، وفي ضوء القيم الأخلاقية والمعايير الاجتماعية الضابطة لهذه الآليات في المجتمع الأوسع من جهة ثانية. والتي من شأنها أن تحدد أشكال التفاعل بين مكونات التنظيم ضمن بنيته العامة، وفي سياق علاقته مع المجتمع المحيط، وينطوي هذا التعريف على قضيتين أساسيتين ترتبط الأولى بموضوعه والثانية بمنهجية أبحاثه.
ويتمثل موضوع البحث في هذا الميدان من ميادين العلم في دراسة التجمعات  الإنسانية بأشكالها المختلفة من جماعات ومؤسسات وتنظيمات واتحادات مختلفة، الرسمية منها وغير الرسمية، فالأداء الإنساني في المجالات المتنوعة يقوم على تضافر أفراد الجماعة الواحدة، ضمن تنظيمات اجتماعية تحدد لكل فرد موقعه، وواجباته وحقوقه، ويلاحظ أن الطابع الاجتماعي التنظيمي ينتشر في المجتمع ويشمل مجمل النشاطات والفعاليات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وبات من الواضح أن الفعاليات ذات الطابع الفردي لا يمكن تحققها إلا من خلال ارتباطها بغيرها من النشاطات.
ويأخذ علم اجتماع بدراسة موضوعاته وتحليلها في ضوء آليات التفاعل الاجتماعي، والتي من شأنها أن تعزز وحدة المجتمع وتماسكه من جهة، وفي ضوء القيم الأخلاقية والمعايير الاجتماعية الضابطة لهذه الآليات من جهة ثانية. فالأداء الإنساني، وفق هذا التصور لا يرتبط بمكونات العمل أو بقدرات الفاعلين الذاتية فحسب، إنما بطبيعة العلاقة بين هذه المكونات والمجتمع المحيط بها أيضاً. كما أن الأداء الفعلي لكل مكون من مكونات المجتمع إنما يرتبط أيضاً بطبيعة علاقته بالمكونات الأخرى. ويندرج الأمر ذاته على السلوك الاجتماعي للأفراد والجماعات الذي يتأثر بالاعتبارات التنظيمية والآليات التي تحدد مستوى التفاعل الاجتماعي والمهني ضمن التنظيم.
وتظهر خصوصية البحث في علم اجتماع بمنحيين أساسيين يرتبط الأول بالفرضيات التي تفسر قضايا المجتمع، ويتعلق الثاني بمنهجية البحث وطرائقه في التفسير والتحليل.
أما فرضيات الأبحاث فلا بد من أن تُستمد من البيئة الاجتماعية ذاتها، ومن البنية الاجتماعية لهذه البيئة، ذلك أن ما يميز علم اجتماع عن العلوم الاجتماعية الأخرى في معالجته لقضايا المجتمع لا يكمن في موضوع البحث، نظراً لاشتراك علوم أخرى في دراسة القضايا نفسها، إنما بالمقولات النظرية المفسِّرة لهذه القضايا. فعلم النفس (مثلاً) يعيد أشكال السلوك الاجتماعي إلى الاعتبارات النفسية المتصلة ببنية الشخصية، ومكوناتها، وطبيعتها. بينما يأخذ علم الاجتماع العام بتفسير السلوك الاجتماعي بعوامل اجتماعية عامة، كالجنس ومستوى التعليم، ومكان الإقامة، والاتجاهات الثقافية وغيرها، أما علم الاقتصاد الذي يهتم أيضاُ بالسلوك الإنساني فإنه يبني تفسيراته للسلوك على أساس الحاجة والمنفعة بالدرجة الأولى.
إن العلوم الاجتماعية بصورة عامة تتناول السلوك الإنساني بالدراسة والتحليل، فير أنها تأخذ بتفسيرها وفق تصورات مختلفة تبعاً لخصوصية هذه العلوم ومنهجيتها في التحليل.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق