العوامل النفسية والاجتماعية لانتشار الشائعات وكيفية الوقاية من أخطارها

ينطوي انتشار الشائعات في المجتمع على دلالات نفسية واجتماعية عديدة، تستمد خصائصها ومكوناتها من بنية التنظيم الاجتماعية وطبيعة العلاقات الاجتماعية السائدة في مرحلة تاريخية محددة، وفي ظروف اقتصادية واجتماعية معطاة، وترتبط الآثار المترتبة على انتشار الشائعات باعتبارات كثيرة تأتي في مقدمتها طبيعة الشائعة نفسها أولاً، وطبيعة العلاقة بين مكونات البنية الاجتماعية ثانياً، وطبيعة الخصائص النفسية والاجتماعية العامة التي تصف أفراد المجتمع ثالثاً.
وغالباً ما تكون للإشاعات آثار سلبية متعددة تمس واقع الأفراد والأسر التي ينتمون إليها والمجتمع الذي يحتضنهم، غير أن حجم هذه الآثار ودرجة خطورتها متوقفة على الاعتبارات الثلاثة التي سبقت الإشارة إليها، أما الآثار الإيجابية فغالباً ما تكون مرحلية إلى أن يتم الكشف عن زيف الإشاعة، مما يجعل آثار الإيجابية المرحلية ترتد لتصبح أكثر سلبية في حياة الأفراد والمجتمع.
وبالنظر إلى ما يمكن أن يكون للإشاعات من آثار سلبية تمس أمن الأفراد والجماعات في المجتمع الواحد، فقد تجد قوى سياسية واجتماعية متنوعة في استخدام الإشاعات ما يحقق لها مواقع نفوذ وسلطة على حساب مواقع قوى سياسية أخرى، وتستخدم الإشاعات في كثير من الأحيان في الحروب العسكرية والصراعات السياسية المختلفة، فتسهم الإشاعات في تفكيك بنى القوى السياسية والاجتماعية المستهدفة، ويمكن لانتشار إشاعة ما أن يكون سببا لتغير موازين القوى في هذه الحرب أو تلك، أو في هذا الصراع السياسي أو ذاك.
وقد ينتشر استخدام الإشاعات في المجال الاقتصادي على نطاق واسع، فيسهم انتشار هذه الإشاعة أو تلك في ترويج سلع تجارية لا تساوي في قيمتها الحقيقية قيمتها الشرائية.. وقد يسهم انتشار الشائعات في الحد من انتشار سلع تجارية خالية من أي عطب أو عيب تجاري، ومع ذلك فإن انتشار الشائعات حولها يمكن أن يكون سبباً لخسارات كبيرة تلحق بالمنتجين، وعلى طرف آخر يمكن لانتشار فكرة شائعة أن يسهم في الترويج لسلع اقتصادية عديدة لا تتوفر فيها حتى الحدود الدنيا من المواصفات المطلوبة، وقد تحمل هذه السلع مخاطر وأضرار كبيرة تجد آثارها في حياة الأفراد والجماعات وحتى على مستوى الدولة برمتها.

ويمكن التمييز في تحليل العوامل المؤدية إلى انتشار الشائعات بين مستويين أساسيين، الأول على مستوى المجتمع بصورة عامة، حيث تنتشر شائعات معينة في وسط اجتماعي وتنعدم إمكانية انتشارها في وسط اجتماعي آخر، تبعاً لطبيعة الشائعة نفسها، ولطبيعة الثقافة السائدة في المجتمع، ومقدار توافق الشائعة مع الاتجاهات الدينية والثقافية والقيمية السائدة. أما المستوى الثاني فيخص انتشار الشائعات على مستوى الأفراد المتلقين لها، وناقليها في الوقت نفسه، فقد ينشر خبر بين مجموعة من الأشخاص فيتقبله بعضهم ويرفضه آخرون تبعاً لخصوصيات كل منهم، ودرجة توافق الشائعة مع اتجاهاته وقيميه وأشكال تفكيره. 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق